تحدث العالم الجزائري الدكتور لوط بوناتيرو لمغاربية عن اختراعاته في مقابلة
أجراها محند والي من الجزائر لموقع مغاربية
الدكتور بوناتيرو هو كبير عالمي البحث في مختبرات الفلك والفيزياء الفضائية بمركز الأبحاث والفلك والفيزياء الفضائية والجغرافية بالجزائر. وقد أحرز ميدالية عن أحد الاختراعات وثانية لتحليه باحترام مقاييس البيئة في مشروعه لتصميم بنايات مقاومة للزلازل في معرض بريطانيا للاختراعات الذي انتهى في لندن يوم 21 أكتوبر. وفاز بجائزة في معرض السنة الماضية لاختراعه ساعة كونية.
مغاربية : حصلت مؤخرا على جائزتي تميّز في معرض بريطانيا للاختراعات في لندن. ما إشعوركم بذلك؟
الدكتور لوط بوناتيرو : أشعر بالفخر للانتماء لحضارة ساهمت في إنارة المجتمع بتاريخها الذي يبدو أنه يعيد نفسه.
مغاربية : حصلت على المكافأة عن "تصميم بنايات إسلامية عجيبة في مقاومة الكوارث الطبيعية والتي تمتثل لمقاييس البيئة". هل لك أن تحدثنا عن تعريف ذلك؟
بوناتيرو : كل من يريد تشييد بناية يبحث عن أمرين: السلامة والراحة. مشروعي يتمثل في استغلال هذين لحد أقصى باستخدام ثلاثة معايير.
أولا نحتاج لموقع جيد. لا يمكنك فقط البناء في أي مكان. يجب ألا يكون هناك مخاطر الزلازل. ويجب إجراء دراسة بيئية وتقييم للمخاطر. يجب تلبية هذه الشروط قبل بدء البناء. فمع توخي الحذر في اختيار الموقع تتحقق الراحة والأمان بشكل أقوى منذ البداية.
المقياس الثاني يتمثل في التصميم وهو سر الصفة الإسلامية. الناس إلى يومنا هذا لم يتخذوا المسألة بمأخذ الجد. وأنا أشدد على هذا لأن الهدف هو تشييد بناية تتسم بالأمان وتوفر الراحة للعيش فيها. الشكل يزيد من مقاومة الكوارث. واكتشفت أن الأشكال الدائرية المتوازية بحيث يتم توزيع حجم البناية بشكل متكافئ تقاوم الكوارث وتزيد في مستويات الراحة (فهناك مقدار متكافئ من النور لكل غرف النوم ودرجة حرارة متواصلة وهو ما يساهم في ادخار الطاقة). وهذه الأشكال المستديرة هي دليل على أسلوب البناء الإسلامي العربي الموريسكي. وعملي هو تتمة لهذا الأسلوب من الإرث الحضاري.
العامل الثالث يتمثل في المواد وعلميات البناء والتقنيات. التقنية التي أفضلها تم تصميمها من طرف الكندي بول بوليوه. فهو يقترح البناء بالصفائح المتكونة من جدارين خارجيين من الأسمنت المسلح المجهزين بمادة المطاط الاسفنجي العازل. وقام المخترع باختبار هذا عبر طاول متذبذبة ليتبين مقدار المقاومة للكوارث الطبيعية. كما اختبرها ضد الزلازل. وأنا طورت الاختبار ليشمل الكوارث الطبيعية كلها وأقوم بادماجه كليا في التصميمات العامة التي أنجزها.
مغاربية : الجزائر تواجه أخطارا بيئية خاصة الزلازل. هل تعتقد أن اختراعك سيسهم في تقليص خطر الكوارث الطبيعية؟ هل يسهل تطبيقه وهل هو ناجع من الناحية الاقتصادية؟
بوناتيرو : الكنديون درسوا التكاليف ووجدوا أن البناء بالطرق التقليدية يكلف نفس المبالغ إذا شملت اعتبارات التصميم مثل موقع البناء الذي يكلف قدرا إضافيا ضئيلا يقدر بما لا يزيد عن 10% من كلفة البناء العادي. رأيي ورأي الخبراء أيضا هو أنه يفضل أنفاق قدر ضئيل في البناء مقدما بدل المبالغ الطائلة بعد حدوث كارثة طبيعية.
السلطات بإمكانها تطبيق هذا المقترح خاصة أن الأمر لا يتوقف على منازل أو بنايات فردية بل يشمل تصميم مدن كاملة. فهناك مشاريع لبناء مدن جديدة في الجزائر بل عاصمة جديدة وهذه المعلومات حقا جديرة بالاهتمام لأن هذه عوامل حاسمة في تحسين مستويات الراحة والأمان في المباني
مغاربية : هل أثارت اختراعاتك الاهتمام في الجزائر؟
بوناتيرو : مازالت حديثة العهد وغير شائعة لكن ليس لدي أدنى شك في أنها ستثير الاهتمام الذي تستحقه.
[أرشيف] ساعة بوناتيرو الكونية يمكنها أيضا تحديد طول اليوم وأوقات الصلاة
مغاربية : حصلت أيضا على جائزة في نفس المعرض عن ساعتك الكونية. ما تعريف ذلك؟
بوناتيرو : العولمة خلقت الحاجة لساعة كونية. العالم أصبح قرية صغيرة مع كل المعلومات التي يتم نقلها بسرعة فائقة. كل هذا يجعلنا في حاجة للتحكم في الوقت. في الماضي كان الوقت يقاس على خط غيرنيتش أما اليوم فليس ثم بلد يلتزم به. ولأسباب العولمة نتحاج لساعة دولية.
مغاربية : هل تمكنت من انتاج الاختراع للترويج التجاري؟
بوناتيرو : قمنا باختراع ثالث جيل من النموذج الكبير للاستعمال العام من الساعة لأنه لا تتطلب تكنولوجيا معقدة.
المشكلة كلها تكمن في تصغير حجمها لتكون ساعة يدوية. وحاليا نقوم بإنتاج نموذج قياسي لذلك ولكنا لسينا في مستوى التصنيع الضخم لها. على الصعيد الوطني يكاد ينعدم الاهتمام بها. لكن انكلترا عرضت علي عرضا ثانيا في السنة الحالية وأقوم الآن بدراسة الجدوى.
مغاربية : هل قدمت الحكومة بدعم أبحاثك؟
بوناتيرو : هذه هي المشكلة. كل ما أقوم به هو أساسا من تمويلي الخاص باستثناء منحة متواضعة من جامعة التي أشكر لها ذلك. وفيما يتعلق بالانتاج للنماذج القياسية مثلا لا تتيح الجامعة تمويلا كافيا.
مغاربية : أليس ثمة منح خاصة جديرة بتخصيصها للمشاريع العلمية؟
بوناتيرو : نسبة الاعتبار التي تعطى للعلماء في مجتمعاتنا ضئيلة جدا. إنها كارثة. أولا عليك التوجه للخارج لكي تلقى الاعتراف في الجزائر. ثم أي اعتبارات! الرياضيون والفنانون يحصلون على نفس التعامل بالذات. الاختلاف الوحيد هو أن عندما تحقق بعض التميز فإنهم يرحبون بهم بمواكب ضخمة من أكابر الرسميين...الواقع أنه ليس ثمة ولو بنك واحد مستعد لتمويل مشاريعي.
مغاربية : أنت أحد الجزائريين القلائل الذي شاركوا في هذا المعرض. كيف أتتك الفكرة وكيف العرض في لندن؟
بوناتريو : لو سمحت لي بتصحيح مسألة هنا لست العالم الوحيد في الجزائر أو المغرب الكبير أو العالم العربي بل في أفريقيا برمتها الذي أشارك في هذا المعرض. سبب مشاركتي يكمن بكل بساطة في ثقافتنا في كيفية النظر للأمور. أعتبر أنه في زمن العولمة ليست المقالات التي تنشر في ندوة هي التي ستدفع بعجلة التقدم العالمي بل الابداع والتجديد المنتوج النهائي بعبارة أخرى الذي بمقدوره تغيير وجه المجتمع. أنا شخصيا أميل إلى تطوير العلوم التي لها أثر مباشر على المجتمع.
مغاربية : بعد زلزال بومرداس قدمت نظرية أثارت جدلا كبير في الإعلام. هل بإمكانك إطلاعنا عليها؟
بوناتيرو : من أجل مصداقية النظرية عليك أن تعلم أنه تم نشرها في ندوة دولية في العاصمة بتنظيم من وزارة البيئة. حصلت على الإشادة من الجمهور وهي حالة ناذرة في المناخ العلمي. النظرية سمحت بالتنبؤ بالعديد من الأحداث تناقلتها وسائل الإعلام. تنبأنا بموجة الحر في أوروبا عام 2003 والأثار الناتجة عن هزة بومرداس. وفي رمضان الأخير سُئلت عما إذا كان الزلزال سيقع بسبب موجة الحر. وقلت إنه كان ثمة خطر بحدوثه خلال اكتمال القمر فلتعلم أنه كان ثمة زلزال صغير في عين طاية. وهذه الزلازل وقعت أثناء اكتمال القمر الهلال الجديد الربع الأول للربع الأخير أي مراحل القمر. نظريتي هي كالتالي: الزلازل تقع بتزامن مع مراحل تغيير القمر. واليوم الإعلام يتبع هذه النظريات باهتمام كبير. وليس هذا في أي بلد حيث التنبؤات تقدم للجمهور. أن هذا من بوادر الابتكار الجزائري وهو تقدم طيب لمجتمعنا.
مغاربية : ما هو اختراعك اللاحق؟
بوناتيرو : لم يكتمل بعد ولا يمكنني الكشف عنه للجمهور الآنن؟
مغاربية : كلمة أخيرة؟
بوناتيرو : أهدي هذه الجوائز للشعب الجزائري ولكل من ساعدني
إرسال تعليق